الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    خرائط المنطقة وحرائقها

    خريطة التحالفات والاصطفافات الإقليمية في طور التبدل والتحوّل على وقع تطورين رئيسيين؛ التسوية المقبلة في سورية، والأزمة المتفاقمة بين دول خليجية من جهة وقطر.
    ثمة استدارات واضحة حيال الأزمة السورية، تتجلى في قمة سوتشي التي عقدت أمس وجمعت رؤساء روسيا وإيران وتركيا، واجتماع المعارضة السورية في الرياض بما يفيد بإعادة ترتيب صفوفها لمرحلة المفاوضات الجدية مع النظام السوري وبرعاية روسية.
    الرياض وإن لم تقترب من مرحلة المصالحة مع النظام السوري، إلا أنها انخرطت في المشروع الروسي لتسوية الأزمة، وقبلت بإخراج سورية من دائرة الصراع على النفوذ مع إيران. وليس مستبعدا أن تشهد المرحلة المقبلة مفاوضات عبر وسطاء مع إيران لوقف الحرب في اليمن والتوصل لتهدئة على غرار ما حصل في سورية.
    لبنان، وبعد تصعيد سعودي تمثّل باستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، تتجه إلى التهدئة بعد عودة الأخير عن استقالته حال وصوله بيروت أمس. المبادرة الفرنسية على ما تفيد مصادر دبلوماسية لن تقف عند حدود نزع فتيل الأزمة، بل تذهب أبعد من ذلك لإعادة لبنان إلى الوضع السابق، مع ضمانات إضافية تعزز سياسة النأي بالنفس التي انتهجها لبنان حيال الأزمة السورية، وتحداها حزب الله بتدخله العسكري.
    تركيا وإيران تقتربان من تفاهم شبه كلي حول مستقبل سورية في المرحلة الانتقالية على الأقل. قمة سوتشي وما سبقها من اتصالات وما سينتج عنها في الأيام المقبلة من تحركات دبلوماسية تشي كلها بأن صفقة القرن ستكون في سورية وليس فلسطين كما روّج من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
    الأزمة القطرية تدفع بشكل متسارع بقيادة الإمارات إلى إعادة التموضع من جديد في المنطقة. التقارب مع إيران سينعكس على موقف قطر تجاه حزب الله، وتبدّى ذلك جليا في الخطاب الإعلامي القطري. والعلاقات المتنامية بين قيادة حماس وإيران تعد جسرا إضافيا للتصالح مع محور الممانعة الذي كانت قطر شريكا فاعلا فيه لسنوات سابقة.
    كل التقديرات تشير إلى أن القطيعة بين السعودية وقطر أبدية ما لم يحصل تغيير جوهري في البلدين وهو أمر مستبعد، وهذا يعني أن محورا إقليميا جديدا سيظهر في الفترة المقبلة يرث مجلس التعاون الخليجي المشلول. وحتى الآن يبدو أن قطر حزمت أمرها ببناء تحالفات وثيقة مع إيران وتركيا في نفس الوقت، واختارت سياسة النأي عن النفس في سورية، وتلك مفارقة، بعد سنوات من الانخراط الميداني والدعم المطلق للمجموعات المسلحة.
    الدول الخليجية الأخرى والمعنية مباشرة بالأزمة مع قطر لم تتمكن بعد من بناء تحالف اوسع؛ عربيا وإقليميا، وماتزال علاقاتها مع دول في المنطقة مشوبة بالحذر والتوتر الكامن، جرّاء التباين في تقدير المواقف من تطورات الإقليم.
    السجالات الأولية حول ما يتردد عن خطة أميركية لحل القضية الفلسطينية ستفعل هى الأخرى فعلها في قادم الأيام، وستفرز تبدلات في خريطة التحالفات.
    حرائق المنطقة؛ أزماتها وحروبها، أصبحت هى الفاعل الرئيسي في خرائط تحالفاتها ومواقف دولها. لم يعد هناك ثوابت يمكن الركون إليها في المرحلة المقبلة.





    [23-11-2017 09:13 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع