الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل استوت "الطبخة"؟!

    تحمل قمّة سوشي التي تنعقد اليوم (بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني) أهمية استثنائية وتاريخية، فيما يتعلّق بمسار "الأزمة السورية"، والخطط المستقبلية.
    ما يعزّز القناعة بأنّنا أمام لحظة مفصلية وانتقالية، هي أنّ الرئيس بوتين استدعى رئيس النظام السوري بشار الأسد، عشية القمّة، واجتمع معه، ما يشي بأنّ هنالك خطة روسية، وصلت إلى مرحلة متقدّمة من التخطيط النظري والعملي، بالتزامن مع إعلان الأركان الروسية أنّ العمليات العسكرية الروسية النشيطة على وشك الانتهاء في سورية، وبعد لقاء آخر سابق (قبل أيام جمع كلّا من بوتين وأردوغان)، فيما يخص الحل السياسي للأزمة السورية.
    على الجانب الآخر، وبالتزامن تماماً مع قمة سوشي يأتي اجتماع الرياض (2)، غداة تقديم رياض حجاب استقالته من الهيئة العليا للمفاوضات، مع شخصيات قيادية بارزة، وهو الأمر الذي رحّبت به موسكو، فيما تشير التسريبات إلى عملية إدماج لكل من منصتي القاهرة وموسكو في الهيئة العليا وفي الوفد المفاوض السوري المعارض، وهي عملية أطلق عليها الصديق والسياسي المعارض السوري د. عبد الرحمن الحاج مصطلح "هندسة المعارضة لحل عقدة الأسد"، أي أنّ الهدف منها التخلي عن شرط عدم وجود الأسد في المرحلة الانتقالية.
    مثل هذه التطورات والعمليات الجراحية المستعجلة، تمهيداً لقمة سوشي اليوم، ليست مجّانية أو اعتباطية، فهي تؤشر على وجود تفاهمات دولية وإقليمية، لا تقف عند حدود الأطراف الفاعلة القوية اليوم في سورية (روسيا، إيران، تركيا)، بعد التحولات الكبيرة التي حدثت للموقف التركي (إثر عملية الانقلاب الفاشلة على أردوغان العام الماضي)، بل تشترك فيها دول عربية وغربية، ودلالة ذلك اتفاق خفض التصعيد الأخير في جنوب سورية (بين الأردن والأميركيين والروس)، وضغوط الرياض على المعارضة السورية من أجل تصميم المعارضة والوفد المفاوض الذي يمتلك "المرونة" المطلوبة للتعامل مع ميزان القوى الحالي في سورية، والدور الروسي، مع خروج الأميركيين من اللعبة السورية، بصورة واضحة.
    الحديث اليوم عن وجود مسودة دستور مقترحة ستعرض على المعارضة واقتراح لانتخابات قادمة، أي تحريك العملية السياسية بصورة كبيرة، مع عدم وضوح الصورة الكاملة لموقف روسيا النهائي بالنسبة لدور الأسد في العملية الانتقالية وما بعدها، لكن من الواضح أنّه لم تعد هنالك دول غربية أو عربية تزعم أنّها ترفض أي دور للأسد في المرحلة القادمة، من حيث المبدأ!
    هذا التحليل يبدو منطقياً وواقعياً في سياق التطورات والتحولات الكبرى التي حدثت على الساحتين السورية والعراقية مؤخراً، وتتمثل في نهاية دولة داعش، ودخول الأتراك إلى حدود محافظة إدلب لترتيب الأوضاع فيها، والتحول في ميزان القوى لصالح المحور الإيراني- الروسي- حزب الله، وتخلّي العرب عن أي دور في سورية، والانقلاب في الأجندات الدولية والإقليمية الواضح، بخاصة الأوروربيين.
    مع ذلك، وبالرغم من عدم وضوح كيفية حلحلة "عقدة الأسد"، فإنّ العقدة الأكثر أهمية اليوم تبدو في النفوذ الإيراني، الذي يتجذّر على الأرض بقوة، في سورية، والميليشيات المحلية الموالية لطهران، ووجود شروط دولية وإسرائيلية وعربية تجاه هذا الملف، وليس واضحاً فيما إذا كان الرئيس حسن روحاني، الذي سيحضر القمّة، هو من يملك عنان القرار في طهران، أم أنّ الأمور بيد قاسم سليماني والحرس الثوري، وبالتالي هم من يقرر على الأرض ما يريدون فعلاً؟!
    في المجمل نحن على أعتاب مرحلة جديدة، والروس معنيون بإنهاء النزاع العسكري، وهو ما يتطلب طبخة سياسية محكمة، والأهم من هذا وذاك أنّ اللاعبين انحصروا اليوم في الروس والإيرانيين والأتراك، بينما النظام العربي برمّته خارج حدود اللعبة!





    [22-11-2017 08:49 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع