الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل لديكم بديل؟!

    يدخل سياسي أردني مطّلع على خطّ الجدل الدائر حالياً، أردنياً، عن تراجع الدور الإقليمي الأردني، ويتساءل: ما هي الخيارات البديلة المطروحة للدور الإقليمي الأردني؟ وما هو المطلوب؟ هل هو التورط عسكرياً، مثلا، في ساحات القتال الملتهبة حولنا؟ أم الدخول في وسط حالة الاستقطاب الإقليمي الحاد؛ هل هو الانحياز مثلاً لهذا الطرف أو ذاك بصورة حاسمة وحادّة هو المطلوب؟!
    يحاجج السياسي الأردني بأنّ من يتحدث عن تراجع الدور الإقليمي الأردني في المنطقة لا يعرّف بوضوح المقصود بالدور والبدائل والخيارات المتاحة الواقعية للأردن، كي نستطيع أن نتحاور على هذه القاعدة؟ فهنالك اليوم حروب داخلية في سورية والعراق واليمن واستقطابات وتجاذبات إقليمية ونظام إقليمي كامل انهار تاركاً فراغاً كبيراً، بينما النظام الجديد ما يزال قيد التشكّل، أو بعبارةٍ أخرى الصراع والتنافس.
    من الظلم والخطأ الكبير مقارنة الحال اليوم، بصورة فضفاضة عامة، بما كانت عليه الحال قبل عقود، عندما كان هنالك نظام إقليمي له معالم بارزة، وقواعد محدّدة، أمّا اليوم فهنالك حروب بالوكالة وصراعات على الهوية ومرحلة خطرة، أي دور إقليمي سيتلبس بها سيكون خطراً ومتناقضاً مع القيم الحاكمة للسياسات الخارجية الأردنية.
    يتناسى من يتحدثون عن تراجع الدور الإقليمي الأردني، وفقاً لصاحبنا، أنّ الأردن – في الحدّ الأدنى- خرج سالماً من إعصارين إقليميين مدمّرين، فقط خلال ستة أعوام، الأول مع تسونامي الربيع العربي، والثاني مع اندلاع الحروب الأهلية والداخلية العربية، وتجنّبنا أي شظايا كبيرة وخطرة لما يحدث في جوارنا، من انفجارات وحرائق، وحرص الأردن على بناء سياساته بميزان من ذهب دقيق جداً، كي لا يتأثر سلباً وفي الوقت نفسه لا يتورّط، فيما يحدث في سورية والعراق واليمن، كما حدث مع دول المنطقة كافّة، فإذا كان هناك من يملك سيناريو أفضل للسياسات الخارجية الأردنية فليقدمه للرأي العام الأردني؟!
    فوق هذا وذاك أنجز الأردن – ديبلوماسياً- اتفاقاً على درجة كبيرة من الأهمية للأمن الوطني الأردني ومصالحنا الاستراتيجية، في جنوب سورية، عندما تمكّن من إيجاد أرضية مشتركة للأميركيين والروس، لاتفاق الهدنة، ثم خفض التصعيد، فأوقفنا حركة اللجوء وموجاته، ومنعنا نزف الدم في درعا، وحمينا حدودنا الشمالية من دون أن نتورط عسكرياً.
    معركة أخرى لم يعرف عنها كثير من المواطنين والسياسيين تمثّلت في موضوع مخيم الركبان، إذ كان هنالك مشروع يجري الترويج له عبر أوساط الأمم المتحدة وديبلوماسيين غربيين بأن يتم إدخال المساعدات عن طريق مباشر عبر الأردن، ما كان سيعني مستقبلاً تحميل مسؤولية المخيم للأردن، وربطه بنا مباشرةً، وهو ما قاومه الأردن بشراسة وبصلابة، وتم استبدال ذلك بأن تمرّ عبر الأراضي السورية.
    على صعيد القضية الفلسطينية، عملت الديبلوماسية الأردنية على جعلها الملف رقم 1 لدينا، ونحارب يومياً في القدس ضد العملية الإسرائيلية المستمرة لتغيير هويتها، ولم يتراجع الأردن – بالرغم من كل الضغوط- عن موقفه في موضوع السفارة، وتمكّن الأردن من إضعاف الموقف الإسرائيلي في موضوع نقل العاصمة إلى القدس.
    كل ذلك بالرغم من أنّ الإسرائيليين يعملون بخبث شديد للالتفاف على الموقف الأردني عبر الترويج لتحالف إقليمي مع الدول العربية الأخرى لمواجهة إيران، وبالرغم أيضاً من أنّه لا يوجد محيط عربي وراء الأردن، ولم يعد أحدّ منهم يدّعي – ولو مجرّد إدعاء- بأنّ مواجهة إسرائيل والقضية الفلسطينية هي أولويته!
    ضمن هذه المحدّدات الرئيسة، وفي سياق هذه اللحظة التاريخية الانتقالية غير النهائية، فإنّ الديبلوماسية الأردنية رسمت أفضل المسارات والخيارات، وفقاً لصاحبنا السياسي.





    [15-11-2017 09:03 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع