الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    مستشفى المجانين

    بلغ الأمر هذا الحد تصوروا؛ أن يثور سؤال جدي ومشروع عما إذا كان رئيس وزراء دولة "يفترض" أنها ذات سيادة في الإقامة الجبرية لدى دولة ثانية!
    وفي الأنباء المتواترة من عواصم العروبة كلام عن رئيس دولة عربية ممنوع من السفر حتى لبلده! رئيس بالمراسلة يعني، يحكم عن بعد ولا يستطيع أن يدخل قصره الرئاسي في العاصمة البديلة لعاصمته المحتلة من المليشيات.
    سيل النكات لا يتوقف على مشهد من مهازل لا يستقيم معها سوى التحليل الساخر. أمس وضع كثيرون أيديهم على قلوبهم، فرحا أو خوفا، بعدما أعلن عن زيارة مفاجئة للرئيس الفلسطيني محمود عباس للرياض!
    العالم العربي مسرح عبثي: دوامة دول ودويلات تتصارع على الفتات. قراصنة يحكمون بعض شعوبها، وطاعنون في السن يمسكون شؤون البلاد من أطراف قبورهم. بالأمس تنازل رئيس دولة "مشكورا" عن قليل من صلاحياته لرئيس وزرائه. التنازلات كانت في باب الخدمات والمشاريع المتعثرة ليس إلا.
    داخل إحدى الدول العربية تتوزع السلطة بين أربع دول وألف مليشيا. في لبنان الذي خرج رئيس حكومتها ولم يعد مؤسسات الدولة ما هي إلا فروع تتبع زعماء الطوائف؛ دولة في خدمة الطوائف.
    صحراء تكاد تفجر منذ عقود حربا مفتوحة بين دولتين عربيتين. كل قمم الزعماء العرب منذ سبعين عاما لم تفلح في حل مشكلة صحراء.
    شهدنا على مدار عقود مضت كيف تلاعبت السلطات بالدول ومصائرها؛ انقلابات كل أربع وعشرين ساعة، دركي يسلم دركيا، وضابط شاب يغتصب السلطة باسم الشعب. حتى دول المشيخات عشنا أيام انقلاب الابن على أبيه.
    لكن اعتقدنا بعد زمن أن الدولة الوطنية والقطرية استقرت في العالم العربي بغض النظر عما استقرت عليه من حكم مستبد أو سلطة تحكم باسم الشعب.
    لقد تبدى هذا الاعتقاد وهما. دولنا لم تتغير وما تزال مسكونة بعقلية الانقلابات. الثورات أحلناها إلى انقلابات، المقاومة تنقلب على نفسها والثوار تحولوا إلى رواد لفنادق السبع نجوم.
    في يوم واحد قابلت عشرة من قيادات ماكان يعرف بالثورة السورية في فندق خليجي. صار لهم طائرة خاصة يتنقلون فيها بين العواصم، بينما شعبهم الصابر يموت بالآلاف كل يوم.
    من كان يصدق ان الثورة العظيمة التي حلمت بدولة واحدة لشعب واحد تصبح دولتين قبل أن تكنس الاحتلال. صحيح ان فرمانا رئاسيا صدر أخيرا بالمصالحة، لكن السنوات الخمس الماضية منحتنا فرصة معايشة حل الدولتين في فلسطين المحتلة؛ دولة رام الله ودولة غزة.
    في اليمن "السعيد" هنالك كما يقول الخبراء ست دول تقريبا، تعود في ملكيتها وأصولها لدول إقليمية وجماعات إرهابية ومليشيات مسلحة.
    يصعب على أي مركز متخصص في دراسة حالة الدول أن يصل لإحصاء دقيق لعدد الدول القائمة فعليا على الأرض العربية. 22 دولة؟ ليس دقيقا هذا الرقم ففي داخل معظم دولنا العربية دويلات ودويلات.
    المؤكد ان أربعة زعماء لهم الكلمة الطولى اليوم؛ سلطان وقيصر، ومرشد أعلى وبائع عقارات.
    وبعد هناك من يسأل, أين يقف الأردن من كل ما يدور حوله من تطورات؟ وصفها بالتطورات فيه قدر من المبالغة، فقد صدق ذاك السياسي المحنك بقوله، الشرق الأوسط مستشفى مجانين والأردن فيه الطبيب.
    أظن أن الطبيب الأردني عاجز اليوم عن توصيف حالة المرضى أو تقديم العلاج.





    [08-11-2017 10:09 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع