الرئيسية أحداث اقتصادية

شارك من خلال الواتس اب
    كلفة عمان الجديدة نحو 20 مليار دينار

    أحداث اليوم - تشكل مدینة عمان الجدیدة التي أعلنت الحكومة عن إنشائھا رسمیاً، مفصلاً من مفاصل التنمیة الشاملة ، وركیزة من ركائز البناء والإعمار والإستثمار؛ كما تعكس الحاجة الملحة لإنشاء مدن عصریة، تتمتع بمواصفات ومزایا، تمكنھا من إستیعاب التوسع الحضري للمدن الكبیرة، مثل العاصمة والزرقاء، التي باتت من المدن التي تشھد إزدحاماً كبیراً، ومع تحدید الموقع للمدینة الذي یبعد 30 كلم عن العاصمة عمان، و30 كلم عن مدینة الزرقاء، فإن ھامش التوقعات قد تلاشى تماماًٍ كما أن إستخدام أراض لخزینة الدولة، یقطع التأویل المتعلق برفع قیمة الأراضي في تلك المنطقة، ویعزز فرص الأردنیین بتملك قطع أراض مخدومة بأسعار مناسبة.

    لكن المشروع العملاق الذي تفوق كلفة إنشائھ 20 ملیار دینار، وینفذ على عدة مراحل، یحتاج إلى تمویل ضخم، یفوق قدرات الحكومة المالیة، التي تعاني موازنتھا من عجز كبیر، ما یتطلب شراكة مع القطاع الخاص، وربما یمتد لجذب الإستثمار المحلي والخارجي، وھذا له إنعكاس إقتصادي مباشر، لما یوفر من فرص عمل ، كما یعزز من سوق المواد الإنشائیة والصناعات المختلفة ، ولأن المشروع لم یكن ولید لحظتھ وإنما جرى نقاش مستفیض حول مراحل تنفیذه منذ مطلع العام الجاري، حسب ما أعلنتھ الحكومة، وبالتالي فإن تخطیط المدن الإستراتیجیة طویلة الأمد، یحتاج إلى كفاءات أردنیة متمیزة، من أصحاب الإختصاصات الھندسیة؛ بحیث تراعي متطلبات المدن العصریة، في البنى التحتیة المتطورة، وشبكة الإتصالات والمیاه، بالإضافة للطاقة البدیلة، كمنظومة متكاملة وھو الأمر الذي یحتم على منفذي المشروع، إیلاء الدقة المتناھیة في الإنشاء والتصمیم، بحیث تعكس الطابع المعماري الحضاري للأردن، وھذا یتطلب الشراكة بین الحكومة والقطاع الخاص، وكلیات الھندسة في الجامعات؛ ذلك أن بناء مدینة متكاملة خلال ثلاثة عقود یحتاج إلى إمكانات بشریة ومالیة ھائلة.

    قد یكون اختیار موقع إنشاء المدینة مدروساً بعنایة فائقة، لأن منطقة شرق عمان بدأت تتضح ملامحھا الفنیة واللوجستیة، من حیث شبكة الطرق الدولیة التي تم تدشینھا قبل عام ممثلة بممر عمان التنموي، الذي یربط عمان بمدینة العقبة، وحتى الزرقاء والمدن الحدودیة، كالسعودیة والعراق؛ وھو یساعد في ربط مواصلاتھا مع العاصمة عمان والمدن الأردنیة المحیطة، وكذلك المدن الإقلیمیة المجاورة.

    ومع التطور الھائل في التكنولوجیا الحدیثة، فإن المدینة الجدیدة ستقوم على أسس علمیة من حیث تفعیل منظمومة المدن الذكیة، وھذا الأمر مرتبط إرتباطاً مباشراً بالبنیة التحتیة، التي تمكن من تنفیذ البرامج الذكیة في التعاملات الحكومیة، وتكنولوجیا الإتصال، بحیث تكون ھذه التقنیة جاذبة للإستثمار الأجنبي، ومحفزة لبناء قواعد بیانات متطورة تتعلق بالتكنولوجیا الرقمیة.

    وبالنظر إلى مراحل تنفیذ المشروع الخمس، فإن ذلك یتطلب إمكانات عالیة المستوى للتخطیط والتعمیر والتصمیم، من قبل الشركات المحلیة وربما العربیة والأجنبیة، حیث تخضع المرحلة الأولى لإعداد المخططات الحضریة اللازمة، وھي أھم عنصر من عناصر التنفیذ، ثم البدء بالبناء وإنشاء البنى التحتیة اللازمة وشق الطرق الداخلیة والرئیسة والمرافق العامة مشروع كبیر بھذا الحجم لا ینعكس على منطقة شرق عمان وحدھا، بل یمتد لباقي مناطق المملكة، لما سیوفره من نشاط تجاري وصناعي وزراعي وتقني لھ إنعكاس مباشر وغیر مباشر على حیاة الأفراد المعیشیة، والترفیھیة والبیئیة.

    ما یمیز المدینة أنھا ستكون أقل كلفة للسكن، كما تطمح الحكومة، وقد یكون السبب وراء ذلك أن منطقة البناء بالكامل ھي عائدة لخزینة الدولة، وھي الوحیدة القادرة على تحدید السعر المناسب أمام افراد المجتمع، بحیث یتم مراعاة ذوي الدخل المحدود یتوقع خبراء في تنظیم المدن أن ینعكس المشروع على أبناء منطقة عمان الشرقیة، حیث تنشط التجارة والصناعة بصور مختلفة، من خلال الإستفادة من موقع جمرك عمان الجدید الذي یتم إنشاؤه حالیاً في الماضونة، وكذلك الممر التنموي الذي تم إفتتاحھ مطلع العام أمام حركة السیارات.

    لا نستطیع أن نقلل من أھمیة ھذا المشروع الحیوي، ذلك أن الإنشاء سیكون بشكل متواز ما بین القطاع العام والخاص، وبمشاركة واسعة من القطاعات الرسمیة، والنقابات والجمعیات والھیئات، وبالتالي فإن ریادة المشروع تكمن في مكونات رئیسة لإقامتھ وفقاً لمعاییر الجودة العالمیة، تشمل الحكومة - القطاع الخاص - وھیئات المجتمع المحلي.

    وحسب ما جاء في بیان الحكومة فإن مساحة المشروع 39 كلم، وھذه المساحة كبیرة نسبیاً، وبالتالي تتطلب مجھودا كبیرا، وإمكانیات ھائلة، تتعلق بالأیدى المھرة والعمال، والمواد الأولیة، وبالتالي فإن الواقع الجغرافي للمنطقة سیتغیر، وستكون المدینة جاذبة للعیش أكثر من عمان أو المدن الحیویة الأخرى، ومرد ذلك لعاملین، الأول: إنخفاض الكلفة، والثاني: التكنولوجیا المتطورة ، أھم ما في المشروع أنھ لا یقام كإمتداد لمدینة عمان، لما تشھده من زیادة كبیرة في عدد السكان، وإنما إنشاء مدینة جدیدة مختلفة، بإمكانیات متطورة، تحاكي المدن الأجنیبة الحدیثة، والعربیة التي تبنى على قواعد وأسس تقنیة، كمدینة دبي مثلاً أما العامل البیئي الذي أصبح ھاجساً یؤرق مضاجع الأردنیین، نظراً لزیادة إنبعاثات عوادم المركبات والمصانع، والغبار المتطایر من المصانع والمعامل، فإن الواقع البیئي للمدینة الجدیدة، سیكون حتماً مختلفاً من حیث مراعاة الجوانب التي تزید من التلوث البیئي، كاستخدام الطاقة النظیفة، ومعالجة المیاه العادمة، وزیادة المساحات الخضراء، وإستخدام مركبات صدیقة للبیئة، مع إمكانیة تسییر حافلات أو قطارات كھربائیة.

    نحن بأمس الحاجة لتعمیر المناطق الصحراویة، وشبھ الصحراویة، ومحاولة إنشاء مدن جدیدة متطورة، تواكب مستجدات العصر.
    یمكن القول أن عمان الجدیدة إذا كتب لھا النجاح، ستكون إنموذجاً حیاً لبناء مدن أردنیة بنمط معماري حضاري یعكس الھویة للدولة، فھل تتحقق الرؤى؟!





    [07-11-2017 11:36 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع