الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    استراتيجية يائسة لاحتواء إيران

    عدد محدود جدا من الدول رحبت باستراتيجية دونالد ترامب تجاه إيران. القوى الدولية الوازنة بما فيها الدول الأعضاء في مجلس الأمن أعلنت تمسكها بالاتفاق النووي مع إيران، وحذرت الكونغرس الأميركي من مغبة اتخاذ خطوات تعرض أمن أميركا وحلفائها للخطر.
    إدارة ترامب بدت مدركة أن الانسحاب من اتفاقية أقرها مجلس الأمن بالإجماع خطوة ليست ذات جدوى، تعطي إيران الحق في العودة إلى الوضع السابق على الاتفاق بما ينطوي على مخاطر امتلاك السلاح النووي.
    وفي ضوء موقف الدول الأوروبية وروسيا والصين، لم يكن أمام ترامب سوى شن حملة شعواء على الاتفاق وإدارة أوباما التي وقعته، في خطوة تعبر عن يأس إدارته من تغيير الواقع.
    الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأميركية هى حزمة من العقوبات الموعودة بحق إيران لم تتضح بعد تفاصيلها، لكن في ظل انعدام التوافق الدولي على فرضها سيغدو تأثيرها محدودا على الاقتصاد الإيراني.
    واضح جدا أن الدول الغربية قد دخلت فعليا في برنامج شراكة اقتصادي مع إيران، وهي غير مستعدة إطلاقا للتنازل عن المكاسب المتوقعة لهذا التعاون من أجل إرضاء ترامب ومسايرة خططه الانعزالية، خصوصا أن الخطوة الأميركية تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات مع أوروبا تدهورا غير مسبوق بفعل سياسات إدارة ترامب المعادية للشراكة عبر الأطلسي.
    ومن غير الوارد أبدا أن تقترب روسيا من الموقف الأميركي في ظل الشراكة الاستراتيجية التي تعقدها موسكو مع طهران على أكثر من مستوى.
    وعلى المستوى الإقليمي، باستثناء إسرائيل لن تجد استراتيجية ترامب أي صدى خصوصا في تركيا المعنية أكثر من أي وقت مضى على تحسين علاقاتها مع إيران لمواجهة التهديد الكردي، بالإضافة إلى ما بين البلدين من شراكات اقتصادية مهمة.
    دول خليجية تجد في استراتيجية ترامب خدمة لأهدافها في احتواء التهديد الإيراني لأمنها القومي، لكنها ستجد صعوبة في التوفيق بين مصالحها والمبدأ الأساسي الذي استندت إليه الاستراتيجية وهو خدمة المصالح العليا لإسرائيل.
    وقد أدركت قيادات في هذه الدول أن لا بديل عن الحوار مع طهران لتفكيك أزمات المنطقة والتخلص من أعبائها الضاغطة.
    من الصعب على إدارة ترامب إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. الاتفاق النووي أصبح أمرا واقعا، وهو أفضل صفقة ممكنة لاحتواء طموحات إيران بامتلاك سلاح نووي، فقد فرض عليها أشد نظام مراقبة في التاريخ حسب وكالة الطاقة الذرية. كما أن نفوذ إيران المتنامي في المنطقة بلغ نقطة لا يمكن معها كسره بالعقوبات والأعمال العسكرية، إلا إذا كانت إدارة ترامب تفكر جديا بالخيار الجنوني.
    مصلحة العرب أن لا ينخرطوا في استراتيجية صممت لخدمة الأهداف الإسرائيلية. هذا القول لا يعني التقليل من مخاطر النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، بل يتطلب التفكير بمقاربة عربية خالصة لإدارة المواجهة مع هذا التحدي والتوصل لصيغة تضمن التعايش مع جار أبدي تحترم حقوق ومصالح دول المنطقة كافة، وتضع حدا لنشاط الجماعات المذهبية.





    [16-10-2017 09:05 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع