الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ليست سمنا على عسل!

    أحداث اليوم -

    نجح الأردن والسلطة الفلسطينية في تثبيت موضع القدس وقراراتها على جدول أعمال المجلس التنفيذي لليونسكو، بالرغم من الضغوط الإسرائيلية المستمرة على الدول الأخرى، لعدم طرحها، ويعد مثل هذا الأمر إنجازاً ديبلوماسيا قويا أردنيا- فلسطينيا مشتركا، وفق مصادر ديبلوماسية عربية.
    المفارقة أنّ هنالك شغباً معتاداً على الموقف الأردني وادعاء بأنّ الأردن كان يرفض إصدار موقف جديد من اليونسكو لإدانة إسرائيل، وهو أمر غير صحيح، فهنالك خياران كانا أمام الأردن والديبلوماسية العربية، الأول هو إصدار قرار جديد، سيكرر ويجترّ القرارات الأخرى عن القدس، ولن يقدم ولن يؤخر شيئاً، بل ربما يتم إجهاضه عبر الجهود الإسرائيلية، والثاني تثبيت القرارات السابقة، وجميعها تؤدي الغرض المطلوب (بعدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية واعتبار القدس أرضا محتلة وعلى حمايتها من التغييرات المتعمدة) وهي الخطة التي نجحت في مواجهة إسرائيل.
    ربما لم يسمع كثير من الأردنيين والعرب عن "معركة اليونسكو"، وقد يعتبرها آخرون تافهة أو ثانوية وليست ذات قيمة، وذلك غير صحيح، لأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه والحكومة الإسرائيلية تدخلوا مرّات متكررة في أوقات سابقة للضغط لعدم إقرار قرارات في اليونسكو، ويعتبرونها خطيرة على مخططاتهم المعروفة في تهويد القدس.
    على النقيض مما يروّج له البعض أو ينطبع في ذهن شريحة من الرأي العام العربي سكرت على المعزوفة المعادية إعلامياً للأردن منذ عقود، فهنالك معركة ديبلوماسية وسياسية مستمرة بين الأردن وإسرائيل على كثير من التفاصيل، وفي قلبها اليوم الوضع في القدس، المهددة من زوايا عديدة بأجندة تهويد إسرائيلية، وهناك اشتباك يومي على التفاصيل الصغيرة المتعلقة بالقدس التي يتابعها الأردن باهتمام شديد من أجل عدم تغيير الوقائع أو الحقائق، وعدم استفراد الإسرائيليين بالاشقاء الفلسطينيين، وبسكان القدس خاصة.
    لا يمكن القول بأنّ الأردن لا يخطئ في حساباته أو مواقفه، لكنّها لو قيست ووزنت مع مواقف وحسابات أخرى لرجحت عليها بمسافات فلكية، مع ذلك فما نزال إعلامياً مظلومين في الحسبة العربية، وربما يكون ما حدث في قصة القائم بالأعمال السوري مؤخراً الذي أنكر معرفته بدور أردني في حرب الـ73 نموذجاً صارخاً على أنّنا نضعف مواقفنا عادة بعدم توضيح وتظهير مواقفنا وتأكيدها والدفاع عنها، بل هناك من الحضور الأردنيين من كان يزاود على القائم بأعمال السفارة في التقليل من شأن الدور الأردني!
    العلاقة مع إسرائيل ليست سمناً على عسل، بل على النقيض من ذلك تسير على حبل مشدود في كثير من الأحيان، وفي حقل ألغام، لكنّها تخاض بمقاييس ديبلوماسية وسياسية دقيقة مرتبطة بالحسابات الدولية والقانونية والسياسية. ومن ذلك، جريمة السفارة الإسرائيلية الأخيرة، إذ حدثت ضجة مبررة بالطبع في موضوع السماح برحيل "القاتل الديبلوماسي"، الذي أطلق النار وقتل أردنيين.
    وكان هنالك تفسير حكومي مرتبط بالقانون الدولي ومعاهدة فينا لن نخوض فيه. لكن ما لم يلفت انتباه كثير من الأردنيين والعرب اليوم هو أنّ السفيرة الإسرائيلية لم تعد إلى عمّان، وأن السفارة الإسرائيلية معطّلة، لعدم وجود ديبلوماسيين، لأنّ الأردن حدّد شروطاً وتمسك بها؛ تتمثل أولاً باعتذار إسرائيلي، وثانياً بإرسال المتهم إلى محكمة تأخذ معايير قانونية وقضائية واضحة، وثالثاً بالحديث بعودة طاقم السفارة الديبلوماسي بعد تحقيق هذه الشروط على ألا تعود السفيرة نفسها.
    التزمت الحكومة الأردنية بقواعد القانون الدولي ومعاهدة فينا، وفي الوقت نفسه وَضَع جريمة السفارة الإسرائيلية ضمن "حزمة سياسية" متكاملة، وتعلّم من دروس سابقة مما حدث مع القاضي الشهيد رائد زعيتر، ومع القاتل الإسرائيلي نفسه، الذي استقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي بالأحضان.





    [12-10-2017 02:26 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع