الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    شربوا قهوتك؟!

    ربما لاتكاد تجد فرقا بين جرعة المخدرات وجرعة القهوة السادة، فبعد جرعة المخدرات قد يخيل للإنسان أن كل مشاكله انتهت، وإذا شرب شيخ جرعة قهوة سادة فاعتبر أيضا أن أكبر مشكلة في البلد قد انتهت!
    كل يوم تعلن إدارة المخدرات عن ضبط شحنات لمواد مخدرة، بينما لا توجد إدارة لمكافحة القهوة السادة مع أن ضررها أصبح لا يقل عن ضرر المخدرات.
    فمتعاطي المخدرات، هو بالدرجة الأولى من يتضرر جسديا وماديا، وعادة ما ينزوي ولا يتدخل فيما لايعنيه، كما أنه دائما (مدروخ) وبالكاد يستطيع أن يعرف اسمه لذلك هو غير معني إن تم فرض ضريبة جديدة أو تم إجراء تعديل حكومي، فهو بعد الجرعة يرى عمود الكهرباء بجانب منزله برج أيفل، وهاني الملقي هاني شاكر، وفاتورة الكهرباء كشف حساب بنكي!
    بينما متعاطي القهوة السادة، من يتضرر منهم دولة المؤسسات والقانون، ويتدخلون في كل شيء، وأصبحت مشاكل البلد وأزماتها تحل في الدواوين والمضافات لا في دار رئاسة الوزراء وغرف العمليات!
    شاهدنا كيف تسلل فنجان القهوة الى وزارات ومؤسسات الدولة، وإذا ما واجهت وزارة ما مشكلة معينة ينبري وزير آخر كفاعل خير ويتدخل لإنهائها، وإذا المشكلة مع وزارة التخطيط فإنها تنتدب وزير المالية كوجه للتعامل معها، اما إذا المشكلة مع الأمن العام فإن الدرك هم الوجهاء والعكس يحدث إذا المشكلة مع الدرك.
    فنجان قهوة أصبح أخطر من جرعة المخدرات، فلم يعد محصورا لإعطاء عروس، أو تطييب خاطر لمدعوس، بل أصبح ملاذا للمسؤولين لتغطية فشلهم وتعاملهم مع الأزمات، وتعدى بشكل صارخ على قوانين الدولة وأنظمتها.
    أصبحنا نشعر بالخوف والرعب، فقد يُعتدى عليك بقسوة وتفقد نصف حواسك، وحين تصحو في غرفة العناية الحثيثة قد يقال لك: شربوا قهوتك، أي أنه تم الصلح وانتهت المشكلة.
    شربوا قهوتي والمعتدي أصبح في منزله بينما أنا قد أحتاج الى أشهر وأنا أراجع قسم العظام لتوصيل الفقرات، إذا دعس قط في بلاد الغرب، تبقى الدولة فمنظمات حقوق الحيوان تلاحق السائق لسنوات، وقد يسجن ويدفع غرامات باهظة وقد يحرم من قيادة السيارات مدى الحياة، مع أنه قط ليس له عشيرة ولا رقم وطني ولكن في دولة المؤسسات والقانون هناك عقاب حتى تنضبط الحياة العامة، بينما أنا بفنجان قهوة وصندوق برتقال تطوى الصفحة حتى لو أمضيت بقية حياتي على كرسي متحرك فأنا ومقالاتي وحياتي كل رأس مالها في هذا البلد فنجان قهوة.
    كل يوم ستفجعون بحادثة اعتداء وقتل وسطو، فقد ترسخ لدى الناس أن فنجان القهوة سيكون قادرا على حلها، لم نعد بحاجة لأن تعلن إدارة المخدرات عن كم كيلو حشيش وهيروين ضبطت، نريد جهات مسؤولة تصارح نفسها وتعلن كم فنجان قهوة دمر هيبة الدولة، واعتدى على القوانين، ونفذ المعتدون بسببه من العقاب.
    أتعجب من أنكم تصادرون المخدرات وتحيلون قضايا المتعاطين الى أمن الدولة مع أن ضررها فردي ولا تمس هيبة الدولة، بينما تسمحون لمتعاطي القهوة السادة أن يستمروا في تدمير أمن الدولة وتسخيف هيبتها؟!
    تريدون دولة، تعاملوا مع القهوة السادة مثلما تتعاملون مع الهيروين، فهز الفنجان أصبح مدمرا مثل هزة الزلزال!





    [11-10-2017 10:46 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع