الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    المعلم دون غيره

    لا الحكومة ولا نحن نجهل هذه الحقيقة المرة، لكنّ تقرير الزميلة سماح بيبرس في "الغد" يوم أمس يفرض على الأطراف كافة أن تضع قضية المعلمين في القطاع العام على الطاولة.
    خطة إصلاح قطاع التعليم في الأردن على النار حاليا، ولا مجال للتراجع عنها أو التلكؤ في تطبيقها، فعلى نجاحها يتوقف مستقبل أجيال من الأردنيين. الخطوات المتخذة لغاية الأن تمضي في الاتجاه الصحيح، سواء كان على مستوى التأهيل والتدريب أو تطوير المناهج الدراسية والاختبارات، وتعزيز قدرات المعلمين.
    لكن يبقى الجانب المادي المتعلق بمستوى معيشة المعلمين مسكوتا عنه. بصراحة الوضع مزرٍ، كيف لمعلم أن يقوم بواجباته بكل إخلاص وهو يعيش براتب تحت خط الفقر.
    حسب الدراسات فإنّ رواتب المعلمين في القطاع العام لا تزيد على 400 دينار. المعدل قريب من رواتب معظم موظفي القطاع العام، لكن لاينبغي أبدا وضع الجميع في خانة واحدة.
    دور المعلم استثنائي في حياة المجتمعات، فعلى عاتقه تقع مسؤوليات جسام، ونتاج عمله يحدد مصير ملايين المواطنين، وقدرة المجتمع على المنافسة والتطور.
    لا طبيب ولا مهندس أو إداري ناجح بدون معلم قادر ومؤهل. ومهما كان تركيزنا على تنمية مهارات المعلمين ضروريا ومفيدا، فلن نحقق الأثر الإيجابي المطلوب إذا لم يكن المعلم في وضع معيشي مريح نسبيا.
    منذ سنوات لم يتحرك سلم رواتب المعلمين درجة واحدة؛ هناك علاوات إضافية لكنها ليست ذات أثر كبيرة وقيمتها محدودة للغاية. وحسب مسح دخل ونفقات الأسر الأخير المشار إليه في تقرير"الغد" فإن 59 % من الأسر التي يعمل معيلها في التعليم يتراوح دخلها ما بين 9 آلاف دينار سنويا إلى 14 ألفا، و 26 % من الأسر أقل من 9 آلاف، و14 % تقريبا صُنّف ضمن الطبقة الوسطى.
    أعتقد أن حاجة المعلمين لتحسين دخلهم من بين الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، وتدني مستوى الأداء في المدارس.
    إزاء هذه الأوضاع من الطبيعي أن تخلص دراسة البنك الدولي إلى القول إن المعلمين في القطاع الحكومي لا يبذلون الجهد الكافي في عملهم.
    لكن الدراسة عندما انتقلت من التشخيص إلى اقتراح الحلول، تجاهلت الجانب المادي من المعادلة ولم تتوقف عند مسألة تدني الرواتب التي تفقد المعلمين الحافز للعطاء والتفاعل وتطوير مهاراتهم.
    إننا وبقدر حاجتنا لتجويد الأداء وتفعيل أدوات المساءلة والرقابة، ورفع سوية المعلمين المهنية، لا نستطيع التغاضي عما يشكل هما معيشيا بالنسبة لهم. من الصعب أن تبعث الطاقة الإيجابية بأي إنسان إذا لم تتوفر لديه الحدود المعقولة من المستوى المعيشي.
    لقد بنى الأردن قصة نجاحه عبر التاريخ على التعليم. كان هو دون غيره طريق الأردنيين للتميز على مستوى المنطقة العربية، والمنافسة بتقديم كوادر بشرية مؤهلة حملت على أكتافها مشروع النهضة.
    ولعقود خلت احتل المعلم مكانة مرموقة في صفوف الطبقة الوسطى،أما اليوم فهو بالكاد يؤمّن قوت عياله.
    لابد من التفكير بمقاربة تنتشل المعلمين من السقوط النهائي في حفرة الفقر،لأننا بذلك نحكم على مشروع إصلاح التعليم بالفشل.





    [05-10-2017 01:01 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع