الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عن الخبز والدعم والإعفاءات

    تصدّر موضوع الإعفاءات الضريبية اهتمام الأردنيين في الأسابيع الأخيرة، بعد تسريبات عن نية الحكومة تقليصها في قانون ضريبة الدخل.
    أثار هذا الأمر غضب شرائح اجتماعية واسعة، وهى محقّة في موقفها، لكن تبين فيما بعد أن مجلس الوزراء لم يناقش الموضوع من أساسه، وأعلن رئيس الوزراء بشكل قاطع أن بند الإعفاءات لم ولن يخضع للمراجعة، وأن التعديلات المقترحة على القانون ستطال ضريبة الشركات والبنوك، وتغليظ عقوبات التهرب الضريبي، والأخير يمثل مطلبا شعبيا عاما.
    وحتى تاريخه لم تتوصل الحكومة بعد لصياغة نهائية للتعديلات على قانون ضريبة الدخل، ومن غير المرجح عرضه للنقاش النيابي قبل نهاية العام الحالي، خاصة أن مشروع قانون الموازنة يحظى بالأولوية، وحسب رأي خبراء الدستور لايجوز مناقشة أي قانون يرتب ضرائب على المواطنين أثناء مناقشة قانون الموازنة العامة.
    موضوع دعم الخبز لحقه هو الآخر سوء فهم أيضا. المناقشات في هذا الموضوع الحساس تدور حول كيفية توجيه دعم الخبز للمواطنين حصرا وليس رفع الدعم، وهو سجال قديم يعود لعقدين من الزمن.
    الخبز سلعة غذائية لاغنى عنها بالنسبة لعامة الناس، ورغم تراجع مكانته على مائدة الطبقة الوسطى، لأسباب صحية طبعا، إلا أنه بالنسبة لقطاع عريض يبقى عنصرا ثابتا، وللفئات الفقيرة يمثل وجبة بحد ذاتها.
    والخبز لم يعد سلعة واحدة بالمعنى المتعارف عليه قديما، لقد أصبح سلة متنوعة من الخيارات، ومعظم أنواع الخبز التي يشتريها الناس حاليا غير مدعومة أصلا. وفي كل الأحوال لايمثل توفير الخبز تحديا لمعظم الأردنيين مقارنة مع كلف المواصلات والتعليم والبنزين والسلع الأخرى.
    في المقابل يحصل ملايين المقيمين الأجانب في المملكة على الخبز المدعوم مثلهم مثل سائر المواطنين، والأرجح أن معظم الدعم يذهب لجيوب غير الأردنيين.
    التحدي الكبير أمام الحكومة هو تطوير آلية محكمة تضمن وصول الدعم نقدا للأردنيين مقابل بيع الخبز بأسعار غير مدعومة.
    قد لايبدو الأمر صعبا إذا توفرت الإرادة، فمعظم المواطنين في القطاعين العام والخاص، عاملين أو متقاعدين يملكون اشتراكا في الضمان الاجتماعي وقيودا ضريبية وحسابات بنكية، وهناك نحو 100 ألف عائلة تتلقى شهريا معونة وطنية، يمكن أن يصلها الدعم النقدي مباشرة على حساباتها بالبنوك.
    وفي هذا الصدد ينبغي التفكير بمضاعفة قيمة الدعم النقدي للعائلات الفقيرة التي تتلقى معونة ثابتة من الصناديق الحكومية أو زيادة رواتبها الشهرية. أما العائلات التي يزيد دخلها على ألفي دينار في الشهر فأنا على قناعة بأنها لاتحتاج للدعم النقدي لأن الخبز المدعوم لايدخل بيوتهم أصلا.
    لايجوز أن تتخلى الدولة عن دورها في دعم المواطنين، خاصة الفئات الأقل حظا، لكن يجب التفكير جديا بإعادة هيكلة الدعم وتوجيهه بطريقة صحيحة، فبالإضافة للخبز وربما قبله نريد دعما للتعليم لكي ينال الطالب الأردني حقه بمدرسة محترمة وبيئة تعليمية لائقة، وبقطاع نقل عصري يوفر الخدمة بأسعار معقولة بدلا من الفوضى الحالية والأكلاف الباهظة.





    [04-10-2017 09:04 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع