الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    السعوديات يقدن التغيير

    المهم في ردود الفعل على قرار العاهل السعودي منح النساء حق قيادة السيارات، التفاعل الإيجابي مع الخطوة من طرف المجتمع الذكوري في السعودية، فقد بدا من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي البرامج الحوارية أن قطاعا عريضا من الشباب السعودي يدعم هذا القرار.
    خارج السعودية استغرب كثيرون فرحة النساء هناك، على اعتبار قيادة السيارة حق بديهي للبشر في عموم الدول، لكن عند التدقيق في الحالة السعودية تغدو مظاهر الابتهاج والفرح مشروعة تماما.
    وبخلاف التقديرات السائدة عن قوة التيار المحافظ في السعودية وقدرته التاريخية على تعطيل عملية الإصلاح، ظهر بعد هذا القرار أن قوة الإرادة السياسية لدى الدولة أكبر من أن تعيقها أي مؤسسة أو تيار اجتماعي.
    والخطوة وإن بدت صغيرة بالمعايير العالمية لحقوق الإنسان الطبيعية، إلا انها في حالة السعودية تؤرخ لعهد جديد في حياة المجتمع، سيكون لها ما بعدها من خطوات.
    في تاريخ الشعوب محطات مشابهة، بدت للوهلة الأولى ليست ذات قيمة كبرى، لكنها كانت بداية لا بد منها. لم يكن سهلا على الأميركيين السود انتزاع حق الركوب في حافلة واحدة مع البيض، وعندما نالوا هذا الحق البسيط كان عليهم أن يكافحوا كي لا يجلسوا في المقاعد الخلفية فقط، مثلما فعلوا من أجل حق أطفالهم في ارتياد نفس المدارس التي يتعلم فيها أبناء البيض.
    بدا ذلك في حينه مجرد مكتسبات مدنية لن تلغي مظاهر وسياسات التمييز العنصري ضد السود في أميركا. لكن نحو خمسين عاما من الكفاح المثابر كانت كفيلة بفوز أول رجل أسود برئاسة الولايات المتحدة الأميركية ولدورتين متتاليتين.
    في عديد الدول الأوروبية المتقدمة كانت النساء حتى منتصف القرن الماضي لا يحظين بحق التصويت أو الترشح في الانتخابات، وفي غضون عقود قليلة وصلن لسدة الرئاسة في دول كبرى مثل إنجلترا وألمانيا.
    السعودية حالة خاصة عربيا، هذا صحيح، لكن المجتمع الذي انفتح على العولمة، وانخرط في المجتمع العالمي لن يصبر طويلا قبل أن ينال حقوقا مساوية لحقوق أقرانه أقله في الدول الخليجية.
    ونيل النساء لحقوقهن سيكون مفتاح التغيير الحقيقي ليس في السعودية فقط، بل في جميع الدول. ما من دولة نهضت وتقدمت بدون إعطاء النساء حقوقهن كاملة، ومقتل التيارات المحافظة هو في منح الرجال والنساء فرصا متساوية في الوظائف والأدوار السياسية وفي العملية الاقتصادية.
    يمكن للسعودية إن واصلت سياساتها الإصلاحية أن تسبق نظيراتها الخليجيات والعربيات. لا ينقصها شيء لتكسر مزيدا من"التابوهات"، فقد تشكلت مع مرور الزمن قوى اجتماعية واقتصادية مؤهلة لقيادة التغيير، ومع توفر الموارد المالية الضخمة تستطيع السعودية أن تختصر الزمن على نفسها وعلى جوارها.
    أول امرأة سعودية تنال رخصة القيادة ستدخل التاريخ بوصفها من رواد التغيير والتحديث، وستذكرها الكتب مثلما ذكرت شخصيات كان لها دور الريادة في الكفاح من أجل الحقوق المدنية والسياسية.





    [02-10-2017 10:16 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع