الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    كيف تبددت مكاسب التجربة البرلمانية؟

    بالرغم مما يحيط التجربة البرلمانية "بعد عام 1989 " من جدل مشروع، إلا أنها مثلت التعبير الموضوعي لتطور الحياة السياسية، وانخراط تيارات العمل الحزبي والسياسي في مشروع الدولة الأردنية. بمعنى آخر كانت ترجمة أمينة لروح الميثاق الوطني الذي شكل خريطة طريق للحياة السياسية في المملكة وعودة الديمقراطية البرلمانية.
    بمراجعة سريعة لتركيبة المجالس النيابية الثمانية منذ انتخابات 89 المفصلية وحتى الآن نجد أن جميع الشخصيات السياسية المحسوبة تاريخيا على المعارضة الحزبية منها أو المستقلة، قد شاركت في الانتخابات وحضرت باستثناءات محدودة جدا تحت قبة البرلمان وبعضهم لدورات متتالية.
    جماعة الإخوان المسلمين كانوا الحاضر الأكبر في عدة مجالس نيابية، إلى جانب وجوه معروفة من الشيوعيين واليساريين والقوميين، والشخصيات المستقلة من أمثال ليث شبيلات وتوجان فيصل وحسين مجلي وعبد الكريم الدغمي وممدوح العبادي وفارس النابلسي وسليم الزعبي ومنصور مراد وسمير حباشنة ومحمد داودية وفخري قعوار وحمادة فراعنة وأحمد عويدي العبادي وغيرهم الكثير. وفي مجلس النواب الحالي وجوه لا تقل معارضة عن السابقين تتوزع على مختلف التيارات الفكرية والسياسية.
    ومثل ما كان لهؤلاء وأمثالهم حضور في البرلمان، فإن عددا غير قليل منهم شاركوا في حكومات التسعينيات، وحكومات المملكة الرابعة، لا يستثنى من ذلك الإسلاميون.
    ما أود قوله هنا أن الحياة البرلمانية في الأردن نجحت في صهر المكونات الحزبية والسياسية بكل تلاوينها. وظل الباب مفتوحا امام الجميع للمشاركة في الانتخابات. لكن ما حصل من تلاعب في العملية الانتخابية بمراحل سابقة نال من ثقة المرشحين والناخبين أيضا.
    ويمكننا أن نلقي باللوم على قانون الانتخاب ونظام الصوت الواحد، مع أنه لم يحل دون وصول عديد الشخصيات الحزبية والمعارضة لقبة البرلمان. برلمان 93 على سبيل المثال شهد حضورا قويا للمعارضة بكل تلاوينها، ومثله ولو بدرجة أقل برلمان 2003.
    معنى ذلك أن الحياة السياسية في العقود الثلاثة الماضية لم تشهد إقصاء المعارضة عن مؤسسات صناعة القرار؛ البرلمان والحكومة، لا بل ان شخصيات وازنة من المعارضة دخلت مجالس الأعيان في دورات عدة.
    الإشكالية الكبرى كانت في إدارة عملية التحول الديمقراطي في الأردن، فكل هذه المكتسبات التي تراكمت على مدار ربع قرن وأكثر لم يجرِ استثمارها لبناء مؤسسية سياسية مستقرة ودائمة. فطوال تلك السنوات لم نتمكن من تطوير نموذج دائم لتشكيلة الحكومات؛ تارة نشرك النواب وتارة أخرى نبعدهم، ناهيك عن التنقل غير المبرمج بين نمطين من الحكومات؛ تكنوقراط وسياسية، وفي الحالتين كانت صلاحيات السلطة التنفيذية تتآكل لصالح مراكز ومؤسسات أخرى في الدولة.
    وفي ساحة البرلمان لم يساهم الحضور القوي لشخصيات حزبية وسياسية في التأسيس لكتل نيابية قوية وفاعلة، حتى تلك المحسوبة على المعارضة باستثناء الإسلاميين ظلت رجراجة وتفتقر للتماسك عند الأحداث المفصلية. أما "نجوم" المعارضة من شخصيات مستقلة فإن معظمهم فضل العزف منفردا حتى لا يفقد نجوميته.
    في المحصلة، البرلمانات أقل فاعلية والأحزاب شبه غائبة، ومن كان على الدوام شريكا في صناعة القرار يشعر بالاغتراب، وكأن السبع والعشرين سنة الماضية لم تكن جزءا من تاريخنا.





    [17-09-2017 10:13 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع