الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    تصريحات المومني وسورية

    حُمِّلت تصريحات د.محمد المومني، الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الدولة لشؤون الإعلام، (يوم الجمعة الماضي) عندما ذكر أنّ هنالك "تطوراً إيجابياً" في العلاقة مع دمشق، أكثر مما تحتمل بكثير، ما دفع بمصادر موثوقة للتصريح لـ"الغد" (أمس) بأنّه "لا تغيير بسياسة الأردن في التعامل مع الأزمة السورية".
    ربما ما خلق إرباكاً في فهم أبعاد التصريحات ودلالاتها الحقيقية أنّ "الغزل" لم يبدأ أردنياً، بل سورياً، بتصريح آخر لافت، لمستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، قالت فيه إنّ العلاقات مع الأردن مرشّحة لتطورات إيجابية، وتلتها تصريحات أخرى لمسؤولين سوريين.
    دعونا نعود لترسيم معالم الموقف، بصورة عامة، كي نصل إلى بيت القصيد فيما يحدث حالياً. فالأردن، منذ البداية، قرّر أنّ مصلحته تتمثّل في وحدة الأراضي السورية والاستقرار السياسي، ولم يكن شرطاً لديه، في أيّ وقتٍ من الأوقات، خروج الأسد من اللعبة السياسية، ولم يطرح ذلك، كما فعلت دول عربية وغربية أخرى.
    وفي مرحلة مبكّرة، قبل أن ينقلب موقف المجتمع الدولي من بشار الأسد، أكّد الملك مراراً أنّ الحل في سورية هو حل سياسي، وبضرورة الإبقاء على "مؤسسات الدولة السورية"، بغض النظر عن بقاء الأسد أو رحيله.
    أولوية الأردن الرئيسة تتمثل في المنطقة الجنوبية وبحفظ الاستقرار الأمني هناك، بما يمسّ الأمن الوطني الأردني بصورة مباشرة، لذلك رحّب الأردن بالدور الروسي في سورية، وعمل على تكريس هدنة عسكرية في الجنوب، منذ عامين، قبل أن تتم في أي وقت في أي منطقة أخرى، وتم تطبيقها بنجاح نسبي كبير في درعا، وأخذت ضمانات دولية بعد "اتفاق عمّان"، بين الروس والأميركيين.
    مؤخّراً خلصت قناعات "مطبخ القرار" في عمان إلى أنّ هنالك تحولاً جوهرياً في موازين القوى في سورية، وبأنّ الكفّة تميل لصالح النظام، وبأنّ موقف الغرب تغير جوهرياً، بينما الدول العربية انكفأت تماماً ولم تعد تملك نفوذاً حقيقياً، وإلى أنّ الأميركيين وضعوا حدوداً واضحة لدورهم في سورية، وأنّ الروس هم اللاعب الأكثر أهمية في رسم مستقبل الواقع في سورية، وبأنّ الوضع سيجنح إلى الاستقرار في سورية بعد عامين من الآن.
    الآن كيف نفهم تصريحات الناطق الرسمي؟ وكيف تنعكس هذه القناعات والتطورات على الموقف الأردني؟
    الأمر مرتبط بدرجة رئيسة بتطور الحالة الأمنية في جنوب سورية، فإنّ نجاح الهدنة العسكرية، ضمن المقاربة الأردنية، سيساعد على الحل السياسي في سورية.
    أمّا العلاقة مع النظام السوري فهي مرتبطة بهذا المتغيّر، أي المنطقة الجنوبية والاستقرار الأمني فيها، وعدم قيام عمليات عسكرية بعكس ذلك، وضمان عدم وجود منظمات متطرفة في الجنوب أو ميليشيات طائفية تابعة لحزب الله، فالأردن من جهته ضامن لأطراف في المعارضة السورية، على أن يضمن الروس الطرف الآخر.
    إذا تطوّرت الأمور نحو الأفضل في المناطق الجنوبية وانفتحت الأبواب فإنّ الأمور قد تتحسن مع دمشق، لكن ذلك مرهون أيضاً بتقدم الحل السياسي، وما سيحدث على أرض الواقع مستقبلاً.
    ذلك يعني أنّنا لن نشاهد انفتاحاً مفاجئاً متوقعاً في العلاقات بين دمشق وعمّان قريباً، ولا توجد تغييرات جوهرية على الموقف الأردني، على المدى القريب، كما حاول البعض أن يجيّر تصريحات الناطق الرسمي!
    هنالك الاستراتيجي في الموقف الأردني؛ مصالحنا الحيوية وأمننا الوطني، وأولويتنا المنطقة الجنوبية، وهنالك التكتيكي ويدخل فيه العلاقة مع المعارضة والنظام والقنوات المفتوحة والمغلقة هنا وهناك.





    [28-08-2017 09:34 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع